تخطي إلى المحتوى الرئيسي
مهرجان كان 2023

المخرجة التونسية سونيا بن سلامة: "أعطيت صوتا للماشطات وأحلم بإخراج فيلم عن أنس جابر"

موفد فرانس24 إلى مهرجان كان – تحضر المخرجة التونسية سونيا بن سلامة إلى مهرجان كان بفيلمها الوثائقي "ماشطات"، الذي تشارك به في فئة "أسيد" "جميعة نشر السينما المستقلة". واختارت بن سلامة أن تعطي الكلمة لمجموعة نساء يمارسن الموسيقى التقليدية بإحدى مناطق تونس منذ عقود. وهي موسيقى حاضرة بقوة في الأعراس المحلية، ولا يمكن أن تنظم هذه المناسبات بدونها. فرانس24 التقت بها في كان وحاورتها حول فكرة الفيلم وتطلعاتها.

مشهد من فيلم المخرجة سونيا بن سلامة "الماشطات".
مشهد من فيلم المخرجة سونيا بن سلامة "الماشطات". © خاص
إعلان

إضافة إلى حضورها في المسابقة الرسمية لمهرجان كان بفيلم "بنات ألفة" للمخرجة كوثر بن هنية، تشارك تونس في عروض "أسيد"، "جمعية نشر السينما المستقلة"، بفيلم وثائقي، يحمل عنوان "ماشطات"، للمخرجة سونيا بن سلامة.

ويتوقف الفيلم عند مجموعة موسيقية نسائية، تؤدي خاصة أغان تقليدية، تنفرد بها المنطقة عن غيرها. وهو فن قائم بذاته، قررت المخرجة تسليط الضوء عليه سينمائيا، بحكم ما سجلته من حيف فني ممارس بحق هؤلاء النساء.

فهن لا يعتبرن في عرف الناس موسيقيات، رغم أنهن يمارسن هذه المهنة منذ عقود، شخصية فاطمة كمثال. وأرادت بن سلامة بهذا العمل تكريمهن أيضا.

وتصارع فاطمة وأفراد مجموعتها الزمن من أجل ضمان قوت يومهن عبر هذا العمل الموسيقي، الذي لا غنى عنه في الأعراس المحلية بمنطقة مهدية بجنوب العاصمة تونس. فإضافة إلى الموسيقى، يمارس هؤلاء النسوة في فصل الشتاء أعمالا فلاحية.

المزيد حول الفيلم وتطلعات المخرجة في المقابلة التالية:

المخرجة سونيا بن سلامة
المخرجة سونيا بن سلامة © خاص

 

  • فرانس24: ما الذي يعنيه لك تواجدك هنا في كان بفيلمك "الماشطات"؟

المخرجة سونيا بن سلامة: لم أتصور أن أكون هنا في كان بهذا الفيلم. كنت بدأت في إنجازه بمفردي، ومع مرور الوقت وجدت نفسي محاطة بفريق، من منتج، مصور، مهندس الصوت... لكن، صراحة لم أتخيل يوما أنني سأكون بهذا الفيلم في كان. وأن أتواجد هنا اليوم، هو أمر استثنائي بالنسبة لي. وهو فرصة لأي مخرج... هو اعتراف بهذا المجهود الذي كان وراء العمل، خاصة وأن من يختارون الأفلام هم مخرجون.

  • "ماشطات" هو ثاني فيلم وثائقي لك بعد "مكتوب". وفي الفيلمين تعالجين مسألة الزواج. لماذا هذا الموضوع؟

في الواقع، لم أكن أريد أن أعالج مسألة الزواج... أثناء تصويري حفل زفاف قريبة لي في عملي الأول "مكتوب"، التقيت "الماشطات"، وبالتالي لم أكن أريد إثارة الزواج في حد ذاته، لكن العملين عرضاه من زوايا مختلفة. هو أمر غريب أني لقيت نفسي في موضوع الزواج بدون أن يكون غرضي في يوم من الأيام هو كذلك.

  • هل تواصلين استحضار مسألة الزواج في أعمالك المقبلة؟

"تبتسم"... لا أدري ربما...

  • هل الفيلم كان بالنسبة لك تكريم هؤلاء النساء وهذه الموسيقى التقليدية في منطقة المهدية بجنوب تونس العاصمة؟

نعم، كان هدفي كما في الفيلم الأول منحهن صوتا وموقعا لكي تسمع موسيقاهن. والماشطات -لا أدري إن كنت تعلم ذلك- حضورهن ضروري في الأعراس بمنطقة المهدية، ولا يمكن إحياء حفل زفاف بدون وجودهن. صحيح، في المناطق التونسية الأخرى، يمكن أن يكون الأمر مختلفا، هناك موسيقى وتقاليد أخرى. لكن في المهدية هذا تقليد معمول به ولا يمكن تنظيم عرس من الأعراس التقليدية بغياب هذه الفرق الموسيقية من الماشطات. هؤلاء يشتغلن في فصل الشتاء بالحقول وفي الصيف ينشطون الأعراس. يستخدمن في موسيقاهن الدربوكة والبندير. لكن الناس يرون أنهن لسن موسيقيات، علما أن الكل يعرف أنهن يعزفن ويغنين.

مشهد من فيلم "الماشطات"
مشهد من فيلم "الماشطات" © خاص

 

  • طرحت شخصية فاطمة في الفيلم، وهي شخصية حقيقية، وهذه المرأة يظهرها الفيلم أنها قوية وشجاعة. تصارع الزمن من أجل لقمة عيش وفي الوقت نفسه تقوم بتدريب ابنتيها ودمجهما في مجموعتها الغنائية. ما الذي تعنيه لك هذه المرأة؟

هي امرأة تشتغل كثيرا كـ"ماشطة" أي موسيقية، وفي الوقت نفسه تمارس أعمال صغيرة، تشتغل في الضيعات، تعمل في جني الزيتون... تقوم بالكثير من الأشياء من أجل ضمان قوتها اليومي وقوت أسرتها. لا تشغّل في مجموعتها فتيات كثيرات، لكن هي من دربت ابنتيها لتعملا بجانبها. وتقوم بهذا العمل كموسيقية منذ أكثر من أربعين عاما.

  • هل حكمت على ابنتيها أن تعملا معها كـ"ماشطات"؟ هل هذا قدرهما الذي لا مفر منه؟

هما في الأصل عاملات فلاحيات، والعمل مع والدتهما في "الماشطات" سيضمن لهما مدخولا إضافيا. وأعتقد أنه بالنسبة لفاطمة، تدريب ابنتيها يعني منحهما حياة أفضل. لأنهما تحصلان على مال أكثر بكثير مما تجنياه من العمل في الفلاحة.

  • هناك امرأة أخرى في الفيلم تدعى نجاح -هي مطلقة وأم لطفلين- وعمرها اقترب من الأربعين. كنموذج آخر للنساء في تونس والعالم العربي ربما، محكوم عليهن البقاء على ما هن عليه بدون أي فرصة لإعادة بناء حياتهن. لماذا اخترت هذه الشخصية؟

نجاح تحمل بداخلها هذا الأمل في الزواج مرة ثانية. ولها رغبة في العثور يوما على زوج وبدء حياة جديدة معه. لكن المجتمع هو الذي يفرض عليها نمطا من الحياة. هو الذي يقول لها ‘أنت كبيرة في السن ولا يمكن لك أن تتزوجين مرة ثانية. لديك طفلان، في عمرك 37 أو 38 عاما، أنت مسنة جدا. والآن الأمل الذي تبقى لك هو أن تجدي رجلا كبيرا في السن جدا أو رجل فقد زوجته‘... وأنا أردت إظهار هذا الوقع، وعرضه في الفيلم لأنه يحصل للمرأة اليوم. فالمرأة التي لا تزال شابة، تحب الحياة، مشعة بالأمل... لا يمكن لها أن تتزوج مرة ثانية، لأن المجتمع يرى أن المرأة في عمرها انتهت وسبق استعمالها... أمر مرعب أن يقال كل هذا بحقها.

  • هل الفيلم تشخيص معين لوضع المرأة ليس في تونس فقط وإنما في دول عربية أخرى عبر شخصيات مختلفة؟

بالنسبة لي هذا التشخيص لا يقتصر على المرأة العربية فقط. أعتقد أنه يشمل الكثير من المجتمعات.

  • تقصدين الغرب كذلك؟

في الغرب أيضا هذا الضغط لأجل الزواج وأن يكون للمرأة أطفال، هو قوي جدا في الغرب. بالنسبة لامرأة في سن 38 عاما وبدون أطفال، يعني عليها أن تتحمل ضغوطات محيطها والمجتمع أيضا. والكل يحذرها من أنها كبيرة في السن، وعليها أن تنجب أطفالا. فعلا، هناك مجموعة أشياء تسهل الحياة للمرأة في أوروبا، حيث يمكن أن تبني المرأة الأوروبية علاقة حب مع الشخص بدون أن يكونا بالضرورة متزوجين، وبإمكانها أن تتعرف على الشخص قبل أن تلتزم معه في علاقة. لكن ما يحكى بالفيلم يخص أصدقائي أيضا بفرنسا، وبالتالي هذه الضغوطات لا تعني فقط المرأة في العالم العربي بل النساء عموما.

  • أنت وكوثر بن هنية، كلاكما تطرقتا إلى المرأة وصراعها مع الحياة وإن كان من زاويتين وبموضوعين مختلفين. لكنكما استخدمتما معا الوثائقي في عمليكما؟ هل هي الطريقة المثلى للخوض في قضايا تونس الحديثة؟

لا أدري إن كانت الطريقة الأفضل، لكن بالنسبة لي أفضل الطريقة التي أشعر أنني سأنجز بها الفيلم بشكل أحسن. الواقع غني، وفي الكثير من الأحيان يغنينا عن الخيال. ولا أعتقد أنه كان بإمكاني أن أكتب شخصيات مثل تلك التي هي موجودة في الواقع، ولا أن تكون لي الجرأة في أن أكتب شخصيات بهذا الشكل من خيالي.

  • أنت تونسية وفرنسية. لكن الملاحظ ركزت في عمليك على بلدك الأصلي تونس. لماذا هذا الاختيار؟ هل ستحكي للجمهور يوما سينمائيا قصة فرنسية فرنسية؟

حقيقة، لا توجد في الوقت الحالي قصص فرنسية تلهمني. وما يلهمني أكثر هي تونس ولدي علاقات قوية معها. وليس هناك أي فيلم أرغب في أن أنجزه بموضوع فرنسي.

  • إذن ستواصلين إنجاز أفلام بمواضيع تونسية؟

نعم... ولدي مشروع فيلم في الولايات المتحدة لا يزال في بداياته. وقصته تدور في مدينة صغيرة بالولايات المتحدة، تشبه إلى حد ما مهدية التونسية.

  • ما هو الفيلم الذي تحلمين بإنجازه يوما؟

"لحظة صمت من المخرجة قبل أن تجيب"

الفيلم الذي أحلم بإنجازه يوما... أتدري؟ الفيلم الذي أحلم بإخراجه يوما. أحلم بأن أنجز فيلما حول أنس جابر. وأتمنى أن تقرأ هذه المقابلة.

  • الحضور المغاربي في مهرجان كان مهم في هذه الدورة، هل هو مؤشر على أن السينما في دول المنطقة بخير؟

أتمنى أن يكون كذلك. هناك السينما المغاربية والأفريقية أيضا. لدي شعور أن هناك أصوات ترتفع وأن هذه السينما بصدد تأكيد وجودها في التظاهرات العالمية. وهذا أمر جميل جدا، أعتقد أن هناك رغبة كبيرة لأجل إنجاز أفلام عن البلدان التي نعيش فيها أو تلك التي لدينا ارتباط خاص بها. هناك رغبة أكيدة عند الشباب لإنجاز أفلام، وبفضل مهرجانات مثل كان، يمكن لهذه الأفلام أن تعزز وجودها ويكون لها موقعا حقيقيا.

© استوديو غرافيك فرانس ميديا موند

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.