بخطوة نحو تعزيز العلاقات التجارية بموازاة العلاقات السياسية، يتطلع المغرب إلى رفع الاستثمارات والمبادلات التجارية مع السعودية إلى 5 مليارات دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

رغبة المغرب عبّر عنها مسؤولون خلال فعاليات منتدى الأعمال السعودي – المغربي، الذي عُقد الاثنين الماضي في مدينة الدار البيضاء في المغرب وبمشاركة 130 شركة سعودية ومغربية، ولمدة يومين، والذي مثّل فرصة مهمة لبلورة رؤية مستقبلية يمكن أن تدعم التعاون التجاري والاستثماري بشكل أكبر.

لا سيما وأن المغرب يرتبط مع دول الخليج عموما بعلاقات تعاون ترتقي إلى مرتبة العلاقة الاستراتيجية، التي يؤطرها تناغم سياسي كبير وتبادل نشط للمنافع الاقتصادية، وتنسيق عالي المستوى بشأن قضايا التكامل في العديد من القطاعات الإنتاجية، وهو ما يريد تعزيزه بتعميق العلاقات مع السعودية، حيث أكد وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، أنه اتفق مع نظيره السعودي بندر بن إبراهيم الخريف، على “خارطة طريق”، للتكامل الصناعي بين البلدين.

بالمقابل، أكد مسؤولون ورجال أعمال سعوديون ومغاربة، على أن التبادل التجاري يبلغ حاليا 5 مليارات ريال سعودي ما يعادل 1.3 مليار دولار، وهو مستوى من وجهة نظرهم لا يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، وعلى أساسا ذلك دعا مزور، خلال المنتدى الاقتصادي بين رجال الأعمال المغاربة والسعوديين، إلى رفع الاستثمارات والمبادلات إلى 5 مليارات دولار.

الوزير المغربي، اعتبر أن تحقيق هذا الهدف ممكن لأن المغرب حدد بنك مشاريع تصل إلى 370 مشروعا، موضحا أن تلك المشاريع الصناعية حددت أهدافها بدقة كي يُقبل عليها المستثمرون المغاربة والأجانب، ووضع فريق خاص تصوّراً لتطوير العلاقات في مجال الصناعة والاستثمارات الخاصة، وأرسله إلى الجانب السعودي من أجل إبداء ملاحظاته، على حد قوله.

اقرأ/ي أيضا: انتخابات مبكرة في الدنمارك.. أزمة سياسية غير منتهية؟

السعودية وجهود التعاون الاقتصادي مع المغرب

تعليقا على ذلك، أشار وزير التجارة السعودية ماجد عبد الله القصبي، إلى أن الخطة الاقتصادية التي تسترشد بها السعودية، منوّها إلى الإمكانات التي يتوافر عليها المغرب، وما يتيحه القرب من أوروبا وأفريقيا، من فرص عديدة لتحفيز التعاون، مؤكدا أنه يتوجب وضع خطط من أجل ترجمة هدف الـ 5 مليارات دولار، من خلال بلورة خريطة طريق لهذا الشأن، خاصة عبر مشاريع استثمارية مشتركة.

من جهته، بيّن رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج، أن “الفرص التي يتيحها المغرب عبر بنك المشاريع وميثاق الاستثمار، الذي عرض على البرلمان من أجل تقديم حوافز لقطاعات يمكن أن تساهم في جذب استثمار ينطوي على قيمة مضافة“.

والاثنين الماضي، حلّ وفد من رجال الأعمال السعوديين في المغرب، ضمن وفد حكومي سعودي من 100 شخص، بينهم مسؤولي 14 جهة حكومية وممثلي 62 شركة سعودية إلى جانب وزير التجارة السعودي – رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتجارة الخارجية، ماجد القصبي، وبحث الوفد مع عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية وستة وزراء مغاربة، سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وفرص التعاون المشترك وتمكين القطاع الخاص وتنمية الاستثمارات السعودية – المغربية.

في غضون ذلك، وقّع الجانبان السعودي والمغربي، على مذكرتي تعاون مشترك بين البلدين في مجال الاعتراف المتبادل بشهادات الحلال للمنتجات المحلية، ومشروع برنامج للتعاون الفني بين الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والمعهد المغربي للتقييس.

كما افتتح وزير التجارة المقر الجديد للملحقية التجارية السعودي في الدار البيضاء، بهدف تنمية العلاقات وتذليل الصعوبات التي تواجه القطاع الخاص، وتمكين نفاذ الصادرات السعودية إلى الأسواق، وجذب الاستثمارات النوعية التي تسهم في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.

اقرأ/ي أيضا: إسرائيل نحو انتخابات سادسة في أقل من 4 سنوات.. ما النتائج المتوقعة؟

فرصة مغربية أمام السعودية

مزور، شدد على أن اتفاقيات التبادل الحر التي وقّعها المغرب مع العديد من البلدان والتجمعات الاقتصادية، تتيح للسعودية دخول أسواق تتكون من أكثر من مليوني مستهلك، داعيا المستثمرين السعوديين إلى الاستفادة من 670 مشروعا صناعيا في المغرب، بالمقابل يذهب القصبي، إلى أنه يمكن الاستفادة من “علامة حلال” في ظل وجود مليار ونصف مليون مسلم عبر العالم، ما يفرض تنسيق الجهود على مستوى المعايير ذات الصلة بالمنتجات، مثل اللحوم والدواجن.

وساعدت الزيارات المتبادلة من قبل المسؤولين وأصحاب الأعمال، والاتفاقيات المبرمة في الجانب الاقتصادي على أن يحقق التبادل التجاري نموا متسارعا في الأعوام الأخيرة، ليسجل خلال النصف الأول من 2022 قيمة بلغت نحو 9.7 مليار ريال، وهو أعلى من حجم التبادل التجاري لعام 2021 كاملا، حيث بلغ نحو خمس مليارات ريال، فيما تضاعفت الاستثمارات المشتركة بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية في القطاعات الاقتصادية المختلفة كالصناعة، العقار، السياحة، والزراعة، حسبما قال رئيس اتحاد الغرف السعودية عجلان العجلان.

النشاط الاقتصادي ما بين السعودية والمغرب، يأتي بعد أن أعلن البلدان في حزيران/ يونيو الماضي، إنشاء شركة للنقل البحري بين جدة وطنجة، وهي الشركة التي ظلت مشروعا على مدى العقود الماضية، إذ أن رئيس مجلس الأعمال المغربي – السعودي برمان اليامي، كان قد أعلن آنذاك إنشاء تلك الشركة بين شريكين مغربي وسعودي، مؤكدا أنه تم الحصول على الرخصة الحصرية وتم الانتهاء من دراسة الجدوى الخاصة بالخط البحري الذي سيربط بين مدينتي طنجة وجدة.

وعن جدوى ذلك النقل البحري بين الجانبين، كان تقرير سابق لمجلس الأعمال المغربي – السعودي قد توقّع أن يساهم في زيادة التبادل التجاري بنسبة 20 بالمئة، كما يترقب أن يقلص ذلك الخط كلفة النقل، هذا وسبق أن طرحت مسألة توسيع نشاط النقل بين البلدين إلى بلدان أخرى من أجل زيادة مردوديته التي ستكون دون التوقّعات فيما لو اقتصر نشاط أسطول النقل البحري على خط جدة وطنجة.

وفي نوفمبر الماضي، بدأ مجلس الأعمال السعودي – المغربي تحركات كبيرة للنهوض بـ5 قطاعات واعدة وهي السياحة والكهرباء والطاقات المتجددة واللوجستيات والغذاء، في خطوة مهمة لمعالجة الانخفاض في حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث تشير إحصائيات الاتحاد العام لمقاولات المغرب (تجمع أصحاب الأعمال)، إلى أن حجم التعاون التجاري الثنائي بلغ ما مجموعه 1.45 مليار دولار.

حجم التعاون بين السعودية والمغرب

يحتل المغرب المرتبة الرابعة والخمسين ضمن الدول المصدرة للسعودية، وتشمل الصادرات منتجات كيميائية غير عضوية وسيارات وقطع غيار وفواكه وألبسة، وهو الشريك رقم واحد مع البلد النفطي بين دول المنطقة العربي، في المقابل تحتل السعودية المرتبة العاشرة ضمن الدول المصدرة للمغرب، وتشمل صادراتها اللدائن ومصنوعاتها والمنتجات المعدنية والأملاح والأحجار والإسمنت والورق والمواد الدابغة والملونة.

ويتطلع البلدان في إطار تعزيز شراكتهما التجارية والاستثمارية إلى تعزيز المنظومة اللوجستية، من خلال الحدّ من بعض العراقيل التي قد تعيق التجارة وذلك من خلال دعمها عبر الخط البحري الذي يسعى الجانبان إلى إنشائه بين البلدين، والذي من شأنه أن يقوي المبادلات البينية.

كما يسعى المغرب لاستثمار الإمكانيات الضخمة التي توفرها السعودية، لاسيما على مستوى صادرات السيارات التي شهدت انتعاشا كبيرا في الآونة الأخيرة، وإلى جانب ذلك التركيز أكثر على القطاع الزراعي، الذي بدأ يوجه اهتمامه إلى السوق السعودية والخليجية عموما، استجابة للطلبات الملحّة واستغلال الإمكانيات الضخمة في هذا المجال.

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المغربية، يبلغ عدد المشاريع السعودية في المغرب 240 استثمارا، تديرها قرابة 250 شركة، فيما تستثمر عشرون شركة مغربية بالبلد الخليجي في حوالي 11 مشروعا.

اقرأ/ي أيضا: واشنطن وسيول على خط مواجهة بيونغ يانغ.. تصعيد أم تهديد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.