عقد من الاختفاء القسري.. تعرف على الطبيبة السورية رانيا العباسي التي تصدرت حملة أميركية لدعم المعتقلين بالعالم؟

الطبيبة السورية رانيا العباسي اعتقلت مع أطفالها بعد اعتقال زوجها بيومين ولم يعرف مصيرهم جميعا منذ 10 سنوات (وسائل التواصل)
الطبيبة السورية رانيا العباسي اعتقلت مع أطفالها بعد اعتقال زوجها بيومين ولم يعرف مصيرهم جميعا منذ 10 سنوات (وسائل التواصل)

شمال سوريا- قبل نحو 10 سنوات اقتحم عناصر مدججون بالسلاح من قوات النظام السوري منزل الطبيبة رانيا العباسي، في حي "دمّر" بالعاصمة السورية دمشق وقاموا باعتقالها رفقة أطفالها الستة واقتيادهم إلى مكان مجهول، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبار العائلة.

وللمفارقة، فإن عبد الرحمن ياسين، زوج الطبيبة العباسي، كان قد اعتُقل قبل أسرته بيومين فقط من قبل مخابرات النظام، وبذلك أصبحت الأسرة كاملة مغيبة في معتقلاته، وتمثل حدثا غير مسبوق حينها في الانتهاكات بحق المدنيين السوريين.

ولم تشفع لطبيبة الأسنان السورية رانيا العباسي (مواليد 1970) مكانتها العلمية وحصولها على لقب بطلة سوريا والعرب في لعبة الشطرنج، فلاقت معاملة المتهمين والمجرمين، في وقت كان الحراك الشعبي ضد نظام بشار الأسد يدخل عامه الثاني.

وطوال سِني الثورة السورية لم يتم التوصل إلى خبر عن مصير الطبيبة العباسي أو أحد أفراد عائلتها، ولا يُعرف إن كانوا على قيد الحياة، رغم محاولات عدة من أسرتها للوصول إلى مكان اعتقالها القسري، ومعرفة أية تفصيل عنها وعن أطفالها الستة، الذين تراوحت أعمارهم حينها بين عام واحد و14 سنة، ومن المفترض أنهم أصبحوا فتية وشبانا.

*** للاستخدام الداخلي فقط *** طبيبة سورية معتقلة في سجون النظام السوري وتصدرها حملة أمريكية لدعم المعتقلين حول العالم
تصدر اسم الطبيبة رانيا العباسي حملة أميركية لدعم المعتقلين حول العالم (وسائل التواصل)

التهمة "مساعدة نازحين"

وتقول تقارير حقوقية إن الطبيبة السورية اعتقلت مع زوجها، بسبب دعم النازحين السوريين القادمين من مدينة حمص الثائرة آنذاك ضد النظام السوري، وبتهمة تقديم العون للأسر التي حلت في دمشق، في وقت كان النظام يلقي باللائمة على سكان "عاصمة الثورة" حمص، لخروجهم ضده.

ويؤكد شقيق الطبيبة المعتقلة حسان العباسي، عدم وجود خبر يقين عن شقيقته وأطفالها وإن كانوا على قيد الحياة، وكل ما وصلهم منذ اعتقالها أخبار لا يمكن تأكيد صحتها من معتقلين أفرج عنهم قالوا إنهم قابلوها في المعتقل، لافتا إلى أن أحد أقاربها اعتقل بشكل مؤقت لمجرد السؤال عنها.

وعن السبب المباشر لاعتقال الطبيبة وأسرتها، يقول حسان -في حديث للجزيرة نت- إن الأمر عائد لمساعدة مالية قدّمها زوج شقيقته عبد الرحمن لأحد النازحين من مدينة حمص إلى دمشق، والذي اعتقل لاحقا من قبل الأمن العسكري التابع للنظام، قبل أن يعترف بتلقيه المساعدة ويتم القبض على عبد الرحمن ثم زوجته وأطفاله.

ويلفت شقيق الطبيبة المقيم خارج سوريا، إلى أن "منظمة العفو الدولية" تبنّت قضيتها ووجّهت رسائل مباشرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ووزير خارجيته ومندوبه لدى الأمم المتحدة، للإفراج الفوري عن الأطفال مقابل محاكمة عادلة لشقيقته وزوجها، بدون أي رد أو تفاعل.

ويناشد حسان العباسي لإعادة تسليط الضوء ومنح مساحة في الإعلام للحديث عن قضية اعتقال شقيقته وأسرتها.

حملة أميركية

ومؤخرا، تصدّرت قصة الطبيبة السورية العباسي الحملة الأميركية التي حملت شعار "بدون وجه حق" (Without Just Cause)، التي أطلقتها وزارة الخارجية الأميركية، بهدف تسليط الضوء على قصص المعتقلين والسجناء السياسيين حول العالم، وإبراز معاناة أسرهم وذويهم من تبعات الاعتقال.

وتقول الحملة، إن الطبيبة رانيا العباسي اختارت البقاء في بلدها إبان انطلاق الثورة السورية عام 2011، لتقديم الدعم ضمن مجتمعها المحلي وتربية أطفالها، قبل أن يتم اعتقالها من الأمن العسكري التابع للنظام السوري.

وتدعو الحملة الأميركية إلى "إطلاق سراح العباسي وعائلتها، إلى جانب جميع المعتقلين ظلما في سوريا، بدون تأخير"، وتطالب "النظام أن يوضح مصير العدد الهائل من المفقودين".

ويأتي اختيار الخارجية الأميركية للطبيبة المعتقلة بناء على ترشيح تقدّمت به الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

"إخفاق ردع الدكتاتورية"

ويؤكد رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أن النظام السوري لم يكترث أو يعطي اهتماما لمصير الأشخاص السوريين البارزين في المجتمع أمثال الطبيبة العباسي، رغم أن قصصهم معروفة دوليا. متسائلا عما يمكن أن يمارسه من انتهاكات بحق المغيبين في سجونه.

وقال عبد الغني -في حديث للجزيرة نت- إن النظام السوري لا يتعرض لأية ضغوط دولية جدّية للإفراج عن آلاف السوريين المعتقلين، الأمر الذي يدفعه للاستمرار والمضي في سياسة الإخفاء القسري بالاعتقال وقتل المدنيين السلميين تحت التعذيب.

ووفق الحقوقي السوري، فإن العقوبات الاقتصادية لردع النظام إجراءات غير كافية ولن تجدي نفعا حتى على المدى الطويل، موضحا أنه لم يدفع ثمن ما ارتكبه من جرائم بحق السوريين على مدى السنوات الماضية، كدليل صارخ على إخفاق المجتمع الدولي في ردع الدكتاتورية بسوريا.

ولا يزال نحو 135 ألفا و253 سوريا بينهم 3684 طفلا و8469 امرأة، قيد الاعتقال بيد قوات النظام السوري منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/آب 2022، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

المصدر : الجزيرة