واشنطن تتهم «فاغنر» بتزويد قوات «حميدتي» بصواريخ عبر دول أفريقية

فرضت عقوبات على رئيس المجموعة الروسية في مالي

محمد حمدان دقلو (أ.ب)
محمد حمدان دقلو (أ.ب)
TT
20

واشنطن تتهم «فاغنر» بتزويد قوات «حميدتي» بصواريخ عبر دول أفريقية

محمد حمدان دقلو (أ.ب)
محمد حمدان دقلو (أ.ب)

اتهمت الولايات المتحدة، زعيم مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية في مالي، بالعمل على إخفاء جهود تبذلها للحصول على عتاد عسكري؛ لاستخدامه في أوكرانيا، وتزويد قوات «الدعم السريع» في السودان بصواريخ «أرض - جو»، من خلال مالي ودول أخرى.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان مساء الخميس (بتوقيت واشنطن)، إنها فرضت عقوبات على رئيس «فاغنر» في مالي، إيفان ألكساندروفيتش ماسلوف، بعدما وجدت أن موظفي المجموعة ربما يحاولون العمل من خلال مالي، للحصول على عتاد مثل الألغام والطائرات المسيّرة والرادارات والأنظمة المضادة للمدفعية لاستخدامها في أوكرانيا، بتنسيق وثيق مع مسؤولين في الحكومة المالية لنشر المجموعة في البلاد.

اتهام فاغنر

اتهامات لمجموعة «فاغنر» الروسية بتزويد قوات «الدعم السريع» بصواريخ مضادة للطائرات (أ.ف.ب)
اتهامات لمجموعة «فاغنر» الروسية بتزويد قوات «الدعم السريع» بصواريخ مضادة للطائرات (أ.ف.ب)

واتهمت الخزانة الأميركية «فاغنر»، بتزويد قوات «الدعم السريع» السودانية بصواريخ «أرض - جو»، ما قد يمنح هذه القوات شبه العسكرية، التي يقودها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، دفعة في القتال الذي تخوضه ضد الجيش السوداني، الذي يعتمد بشدة على الضربات الجوية في استهدافها. وأقام قائد قوات «الدعم السريع» علاقات مع روسيا.

وقال دبلوماسيون غربيون في الخرطوم في عام 2022 إن «فاغنر» ضالعة في عمليات تعدين غير مشروعة للذهب في السودان، وتنشر معلومات مضللة.

وكان حميدتي قد قال، في وقت سابق، إنه نصح السودان بقطع العلاقات مع «فاغنر»، بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها. وأعلنت المجموعة في 19 أبريل (نيسان) أنها لم تعد تعمل في السودان.

زعيم «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ف.ب)
زعيم «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ف.ب)

وأدى القتال، الذي اندلع بين الطرفين الشهر الماضي، إلى تفاقم أزمة إنسانية في البلاد، وأجبر أكثر من 1.3 مليون شخص على الفرار، ويهدد بزعزعة استقرار المنطقة.

وبينما لم تصدر حكومة مالي بعد أي رد على تلك الاتهامات، أضافت الخزانة الأميركية، أن ماسلوف يرتب أيضاً لقاءات بين مؤسس المجموعة يفغيني بريغوجين ومسؤولين حكوميين من دول أفريقية عدة. ويجمد الإجراء، أي أصول لماسلوف في الولايات المتحدة، ويمنع الأميركيين بوجه عام من التعامل معه. وحذرت واشنطن مراراً مما وصفته بـ«أنشطة فاغنر التي تزعزع الاستقرار»، وشددت العقوبات على المجموعة العسكرية الخاصة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.

وقاتل مرتزقة «فاغنر» إلى جانب القوات الروسية النظامية في أوكرانيا، خصوصاً في بعض أعنف المعارك، منها تلك التي شهدتها مدينة باخموت. ويوم الاثنين، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر من أن «فاغنر» تسعى لنقل معدات عسكرية عبر مالي. ونفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الأربعاء، هذه الاتهامات ووصفتها بأنها «خدعة».

وقال براين نيلسون، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في البيان، إن «عقوبات وزارة الخزانة ضد أكبر ممثل لمجموعة (فاغنر) في مالي تحدد وتعطل عنصراً رئيسياً يدعم أنشطة المجموعة العالمية». وأضاف: «وجود مجموعة (فاغنر) في القارة الأفريقية يمثل قوة مزعزعة للاستقرار لأي دولة تسمح بنشر موارد المجموعة على الأراضي الخاضعة لسيادتها».


مقالات ذات صلة

مقتل 18 مدنياً على الأقل في هجوم لـ«الدعم السريع» في مدينة الفاشر بدارفور

شمال افريقيا سودانيات فررن من القتال العنيف في الفاشر يجلسن في مخيم للنازحين مع تدهور الوضع الإنساني وسط الصراع المستمر بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الدبة بالسودان 6 سبتمبر 2025 (رويترز)

مقتل 18 مدنياً على الأقل في هجوم لـ«الدعم السريع» في مدينة الفاشر بدارفور

قُتل 18 مدنيّاً على الأقل، الثلاثاء، في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في مدينة الفاشر المحاصرة بإقليم دارفور، غرب السودان، وفق ما أفاد مصدران طبيان.

«الشرق الأوسط» (الفاشر)
شمال افريقيا صورة جوية تظهر تصاعد الدخان من مخيم «زمزم» قرب مدينة الفاشر في دارفور أبريل الماضي (أ.ف.ب)

الحرب و«الكوليرا» يتفاقمان في دارفور وكردفان بالسودان

قالت مصادر محلية في السودان إن المعارك المحتدمة في إقليمَي دارفور وكردفان، بالإضافة إلى تفشي مرض الكوليرا، أصبحا «يدمّران الإقليمَيْن وينهشان في السكان».

محمد أمين ياسين (نيروبي) «الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سحب الدخان في أفق الخرطوم نتيجة المعارك بين الجيش و«الدعم السريع» (أرشيفية - متداولة)

وزير الخارجية السوداني: خريطة الطريق التي سلمناها للأمم المتحدة هي المرجع لتحقيق السلام

قال وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم، اليوم الأحد، إن خريطة الطريق التي وضعتها الحكومة وسلمتها للأمم المتحدة في وقت سابق تمثل المرجع الأساسي للمضي قدماً.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان إحدى مدن العاصمة الثلاثية (رويترز)

تحليل إخباري «الرباعية الدولية» تحرك المياه الراكدة في الأزمة السودانية

جاء بيان «الرباعية الدولية» ليحرّك مياه الأزمة الراكدة في السودان، ويعيد خلط الأوراق السياسية والعسكرية بشكل غير مسبوق.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ب - أرشيفية)

«الدعم السريع» تكثف هجماتها بالمسيّرات في السودان

استهدفت طائرات مسيّرة أطلقتها «قوات الدعم السريع» يوم الأحد مواقع عسكرية ومدنية في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض جنوب البلاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

تصدى لـ«مقتحمي السفارة»... محاكمة ناشط مصري في بريطانيا تثير أزمة جديدة

أحمد عبد القادر (حسابه على «فيسبوك»)
أحمد عبد القادر (حسابه على «فيسبوك»)
TT
20

تصدى لـ«مقتحمي السفارة»... محاكمة ناشط مصري في بريطانيا تثير أزمة جديدة

أحمد عبد القادر (حسابه على «فيسبوك»)
أحمد عبد القادر (حسابه على «فيسبوك»)

أعاد تحديد السلطات البريطانية يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل موعداً لنظر أولى جلسات محاكمة رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج، أحمد عبد القادر (ميدو)، الذي سبق توقيفه لساعات على خلفية تصديه لحملة «حصار السفارات» المصرية بالخارج، الأزمة للواجهة من جديد، وسط تضامن مصري واسع، واتهامات للسلطات البريطانية بدعم جماعة «الإخوان» المحظورة في مصر.

ونهاية الشهر الماضي، أوقفت الشرطة البريطانية عبد القادر، ونائبه أحمد ناصر، عدة ساعات على خلفية اشتباكه مع محتجين مصريين وعرب أمام السفارة المصرية في لندن، اتهموا خلالها السلطات المصرية بمنع إدخال المساعدات إلى غزة، قبل الإفراج عن الموقوفين، إثر اتصال جرى بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.

وفي يوليو (تموز) الماضي، بدأت حملة للتظاهر أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج والدعوة لإغلاقها، بزعم أن القاهرة تعرقل دخول المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، وهو ما نفته مصر مرات عدة، وسط اتهامات لجماعة «الإخوان» بالوقوف وراء الحملة.

ومع تحديد موعد محاكمة عبد القادر، ومنعه من مغادرة لندن، من قبل السلطات البريطانية، تصدر هاشتاغ (#أحمد_عبدالقادر_لازم_يرجع) الترند على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر. واعتبر البعض تحديد جلسة للمحاكمة بمثابة «محاولة انتقام».

فيما أكّد آخرون ثقتهم في قدرته على تجاوز الأمر، واستكمال عمله في أوروبا بشكل اعتيادي.

وشدّد آخرون على ثقتهم في مساندة مصر له. فيما أكّد أحمد ناصر، رئيس الاتحاد، استمرارهم في دعم مصر ومساندة الدولة المصرية بمختلف الدول الأوروبية.

وبحسب مصدر دبلوماسي مصري، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن السفارة المصرية في لندن تعمل بالفعل على متابعة المسار القضائي الخاص بواقعة «ميدو»، وستقوم بإرسال محامٍ لمتابعة إجراءات سير القضية أمام القضاء البريطاني، مشيراً إلى أن «ما حدث من المنظور المصري كان بمثابة دفاع عن السفارة التي تمثل أراضي مصرية».

ونُسبت إلى عبد القادر اتهامات عدة، منها «الاعتداء على أشخاص»، و«حيازة سلاح أبيض»، و«تكدير السلم المجتمعي»، فيما يتباهى هو بـ«التصدي لعناصر حاولت اقتحام السفارة المصرية في لندن».

ووفق المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن «هناك الكثير من المعلومات المغلوطة المثارة بالفعل حول الواقعة، التي حاول بعض المتظاهرين وقت الحادث الادعاء بحدوثها»، مؤكداً أن «المسار القضائي سيتم التعامل معه بشكل اعتيادي باعتبار أن المتهم مواطن مصري كان في بريطانيا بشكل قانوني، ووقف للتصدي والدفاع عن سفارة بلده، من دون أن يبادر بالاعتداء على المتظاهرين».

وأثارت القضية أزمة بين مصر وبريطانيا، وردّت مصر آنذاك على الإجراءات البريطانية بإزالة الحواجز الأسمنتية في محيط السفارة البريطانية في القاهرة.

ويرى عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار السلطات البريطانية بتحديد موعد لجلسة محاكمة عبد القادر، وعدم اتخاذ نفس الإجراء بحقّ المتظاهرين الذين حاولوا الاعتداء على السفارة، يعكس «ازدواجية معايير واضحة»، و«تضامن واضح مع (جماعة الإخوان) الإرهابية».

وأضاف: «لندن لم تبادر لمحاسبة المعتدين الذين كان يتوجب إيقافهم على الفور بسبب ما قاموا به من محاولة تعدٍّ على مقر رسمي لبعثة دبلوماسية وأرض مصرية، وفق القوانين والمعاهدات الدبلوماسية»، مؤكداً أن «ما يحدث يطرح تساؤلات عن مدى التواطؤ البريطاني في التقصير بحماية السفارة المصرية».

واستبعد بكري وجود علاقة بين أزمة عبد القادر، واستمرار سجن الناشط المصري - البريطاني علاء عبد الفتاح، مؤكداً أن كل قضية قائمة بذاتها، وليست لها علاقة بالأخرى.

وقبل نحو أسبوع، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدراسة «التماس» مقدم من «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، لإدراج عبد الفتاح المحكوم عليه بالسجن 5 سنوات، ضمن «عفو رئاسي».

وأدين عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021، بـ«الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبثّ أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وحصل عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال فترة حبسه، وأثيرت قضيته عدة مرات بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين.

بدوره، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، إن وجهة النظر البريطانية في محاكمة عبد القادر «تنطلق من افتراض أنه قام بالاعتداء على متظاهرين، وهو أمر سيتم النظر فيه أمام المحكمة استناداً لما سجّلته الشرطة عن الواقع، ومدى صلته بتأمين السفارة، وهو ما يعد بمثابة (جنحة)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الحادثة فردية، ولن يكون لها تأثير على العلاقات المصرية - البريطانية بشكل عام، التي تشهد حوادث مماثلة، وربما أكبر، لكن يتم التعامل معها وفق المسارات القانونية بالبلدين»، مستبعداً «تصعيداً دبلوماسياً حتى في حال إدانة عبد القادر، الذي سيكون أسوأ سيناريو يتعرض له مرتبط بعدم السماح بدخوله الأراضي البريطانية مرة أخرى».


عبد العاطي في الرياض... تعزيز «آليات التكامل» واستمرار «التنسيق الإقليمي»

وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)
TT
20

عبد العاطي في الرياض... تعزيز «آليات التكامل» واستمرار «التنسيق الإقليمي»

وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية السعودي خلال استقباله نظيره المصري (الخارجية المصرية)

في إطار تعزيز «آليات التكامل» بين السعودية ومصر في شتى المجالات، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال زيارته للرياض «التنسيق بين البلدين إزاء مختلف ملفات التعاون الثنائي».

وتوجّه عبد العاطي إلى الرياض، الخميس، في زيارة رسمية. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، فقد «تتناول الزيارة ملفات التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري بين البلدين»، إلى جانب «التشاور حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وأشاد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، خلال لقاء نظيره المصري، بـ«المستوى المتميز الذي ارتقت له العلاقات الثنائية والتنسيق رفيع المستوى بين البلدين الذي عكسته زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى مدينة نيوم، في 21 أغسطس (آب) الماضي».

وشدد الوزيران خلال محادثات مشتركة على «أهمية تشجيع الاستثمارات المتبادلة، بما يحقق المصالح المشتركة».

واتفقت السعودية ومصر على تطوير العلاقات المشتركة بإنشاء «مجلس التنسيق الأعلى المشترك». ووقّع ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، والرئيس السيسي على محضر تشكيل المجلس بين البلدين، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وحسب بيان لـ«الخارجية المصرية»، مساء الخميس، أعرب وزيرا خارجية مصر والسعودية عن ارتياحهما تجاه خطوات تفعيل مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي المشترك، وأكدا «أهمية الحفاظ على وتيرة الزيارات المتبادلة على كافة المستويات».

وبشأن التطورات الإقليمية الأخيرة، جدد وزيرا خارجية السعودية ومصر إدانتهما بأشد العبارات العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة، في حين حذر عبد العاطي من «التبعات الإنسانية الكارثية لهذا التصعيد، وما يصاحبه من سياسات ممنهجة للتجويع ومحاولة التهجير».

أيضاً أشاد وزير الخارجية المصري بـ«الزخم المتنامي في العلاقات الاقتصادية بين القاهرة والرياض»، وأشار خلال لقائه وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، إلى أن «المملكة العربية السعودية تعد ثاني أكبر شريك تجاري لمصر عالمياً، وأكبر شريك عربي»، وقال إن «حجم التبادل التجاري بين البلدين يشهد نمواً مطرداً خلال السنوات الماضية».

وثمّن عبد العاطي جهود وزير التجارة السعودي في «تعزيز الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين، والحرص على دعم التعاون الاقتصادي والاستثماري»، كما شدد على «أهمية التوسع في الاستثمارات السعودية المباشرة في مصر، لا سيما في القطاعات المرتبطة بسلاسل الإمداد والصناعات التحويلية وتوطين التكنولوجيا، وتجارة الخدمات والترانزيت، بما يدعم الأهداف التنموية المشتركة».

وارتفع حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر ليسجل 5.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي (الدولار يساوي 48 جنيهاً في البنوك المصرية)، مقابل 4 مليارات دولار خلال نفس الفترة في عام 2024، وفق بيان لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» المصري، في أغسطس الماضي.

محادثات وزير الخارجية المصري مع وزير الصناعة السعودي (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع وزير الصناعة السعودي (الخارجية المصرية)

وفي نفس الوقت، أكد وزير الخارجية المصري أهمية «المضي قدماً في تنفيذ مشروعات التكامل الاقتصادي والصناعي بين البلدين»، وشدد خلال لقائه وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر بن إبراهيم الخريف، على أهمية «التعاون الثنائي في القطاعات ذات الأولوية، وعلى رأسها قطاعات التعدين، وصناعة السياسات، والأدوية، والصناعات الغذائية»، إلى جانب «الصناعات المرتبطة بالطاقة الجديدة والمتجددة وتحلية ومعالجة المياه»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية».

وتقدم الحكومة المصرية تسهيلات لتدفق الاستثمارات السعودية، وفق عبد العاطي الذي أشار إلى أبرز الإصلاحات والتسهيلات المقدمة للمستثمرين، ومنها «الرخصة الذهبية، وتوحيد سعر الصرف، وتيسير تحويل الأرباح بالعملة الصعبة»، منوهاً باتفاقية «حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة» التي جرى توقيعها على هامش زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة، في أكتوبر الماضي.

وإلى جانب ملفات التعاون الثنائي، تأتي زيارة وزير الخارجية المصري للرياض، لتعزيز التنسيق السعودي -المصري تجاه التطورات التي تشهدها المنطقة، وفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، الذي أشار إلى أن «الزيارة تأتي لمتابعة مخرجات ونتائج القمة العربية - الإسلامية التي استضافتها الدوحة أخيراً».

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «السعودية ومصر تقومان بأدوار مهمة في لمّ الشمل العربي، ومواجهة التحديات الناجمة عن العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وتداعياتها التي تهدد السلم في المنطقة»، إلى جانب «التنسيق المشترك قبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي سيتم مناقشة مشروع (حل الدولتين) على هامش انعقادها في نيويورك».

وتعقد الأمم المتحدة بنيويورك في 22 سبتمبر (أيلول) الجاري، مؤتمراً دولياً لمناقشة سبل تنفيذ مشروع «حل الدولتين» والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.


«هدنة غزة»: تحركات واشنطن غطاء للتصعيد أم فرصة لإحياء المفاوضات؟

نازحون فلسطينيون مع أمتعتهم يتجهون جنوباً على طريق في منطقة مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون مع أمتعتهم يتجهون جنوباً على طريق في منطقة مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: تحركات واشنطن غطاء للتصعيد أم فرصة لإحياء المفاوضات؟

نازحون فلسطينيون مع أمتعتهم يتجهون جنوباً على طريق في منطقة مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون مع أمتعتهم يتجهون جنوباً على طريق في منطقة مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

عادت واشنطن للقاء وفود إسرائيلية وقطرية في لندن، وسط تصاعد للعملية العسكرية في مدينة غزة وجمود المسار التفاوضي، لا سيما عقب استهداف إسرائيل لقادة «حماس» أثناء اجتماعهم لنقاش مقترح للرئيس الأميركي دونالد ترمب بالدوحة.

ذلك النشاط الذي يعد أحد أطرافه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، يقود لمسارين، أولهما أن يمضي الأميركان في مسار جاد نحو إحياء المفاوضات، لا سيما بعد أزمة استهداف الدوحة وفك التعقيدات الحالية، وثانيهما أن يكون ذلك جزءاً من خدعة جديدة وغطاء لإسرائيل لاستكمال عملياتها وفرض قواعد جديدة، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

ويصوّت مجلس الأمن الدولي، الخميس، على مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، غداة حديث القناة الـ«12» الإسرائيلية، عن أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، سيلتقي ويتكوف في لندن لبحث «استئناف المفاوضات بشأن صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع المختطفين وإنهاء الحرب» في غزة، لافتة إلى وجود مسؤولين قطريين في المملكة المتحدة.

ووفقاً للقناة «يحث الأميركيون إسرائيل على اتخاذ خطوات لتخفيف التوترات مع الدوحة، ويتوسطون حالياً بين إسرائيل وقطر في محاولة لإيجاد حل يسمح بتجاوز الأزمة التي نشأت عقب الهجوم الإسرائيلي على كبار مسؤولي (حماس) في الدوحة، الشهر الحالي، ويعيد القطريين إلى مسار الوساطة».

وتعتقد واشنطن أن «هناك فرصة لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل و(حماس) خلال الأسبوعين المقبلين، رغم بدء العملية البرية في مدينة غزة، لكن ذلك لن يكون ممكناً طالما استمرت الأزمة بين قطر وإسرائيل»، وفق المصدر ذاته.

فيما ذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية، مساء الأربعاء، أن «إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أنه لا يوجد حالياً أي أمل للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المختطفين، وبالتالي يجب تصعيد القتال في قطاع غزة».

بينما اتهم القيادي في حركة «حماس»، غازي حمد، الأربعاء، في مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية، الإدارة الأميركية بـ«التواطؤ مع إسرائيل»، وأكد أن الجانب الأميركي «لم يلعب أي دور إيجابي في المفاوضات»، مشدداً على أن الرئيس ترمب «يتبنى الموقف الإسرائيلي».

تصاعد الدخان بمدينة غزة بعد غارات إسرائيلية في وقت سابق (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان بمدينة غزة بعد غارات إسرائيلية في وقت سابق (أ.ف.ب)

مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، الدكتور خالد عكاشة، يرى أن الكرة في ملعب الولايات المتحدة ويجب أن تكون تحركاتها في اتجاه استعادة الزخم التفاوضي الذي كان قريباً من اتفاق سابقاً، وألا تكون تلك اللقاءات مجرد استهلاك للوقت ونوعاً من أنواع الخداع الذي يمنح إسرائيل فرصاً ومساحات زمنية لتنفيذ أقصى ما تريد عسكرياً.

ونبّه إلى أن «حماس» كما تقول التقارير مع هجوم مدينة غزة حركت بعض الرهائن من أماكنهم حفاظاً على أرواحهم، وهذا يعني أن الحركة لا تزال تراهن على استخدام ورقة المحتجزين من أجل وقف إطلاق النار.

فيما يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أنه يستبق أي تصعيد بغزة لقاء أميركي-إسرائيلي، لافتاً إلى أن المسار التفاوضي لن يعود إلا إذا قبلت «حماس» بمقترح ترمب الأخير، القاضي بالإفراج عن الرهائن دفعة واحدة باليوم الأولى، وبحث إنهاء الحرب لاحقاً، وهذا غير واضح، وبالتالي تلك اللقاءات لن تغير من الواقع شيئاً.

ويرى أن «حماس» لم تقدم جديداً في اتهاماتها لواشنطن، وتبرهن أنها مجموعة هواة في السياسة، وستراهن على أن مشهد الدماء والقتل في القطاع سيزيد الضغوط على واشنطن وإسرائيل وهذا غير حقيقي.

فلسطينيون يحملون جثث أطفال مُكفنين قُتلوا في غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثث أطفال مُكفنين قُتلوا في غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

على الجانب الآخر، لا يزال بلدا الوساطة (مصر وقطر) على خط الاتصالات بحثاً عن هدنة، وجرى اتصال هاتفي، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، وويتكوف، تناول «الأهمية البالغة لوضع حد للعمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية في قطاع غزة»، مشدداً على «ضرورة تحقيق وقف إطلاق النار، بما يسهم في خفض التصعيد».

كما جرى اتصال هاتفي، الخميس، بين عبد العاطي ورئيس وزراء قطر وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وتم تبادل وجهات النظر بشأن التطورات في قطاع غزة، وتقييم التداعيات الوخيمة للعمليات الإسرائيلية، وفق بيانين لـ«الخارجية المصرية».

وفر مئات الآلاف من الفلسطينيين من مدينة غزة منذ أن أعلنت إسرائيل في العاشر من أغسطس (آب) الماضي أنها تعتزم السيطرة عليها، لكنّ عدداً أكبر من الفلسطينيين لا يزالون في أماكنهم، إما في منازل مدمرة بين الأنقاض وإما في مخيمات مؤقتة.

وقالت وزارة الصحة في غزة، الخميس، إن ما لا يقل عن 79 فلسطينياً قُتلوا جراء غارات إسرائيلية أو إطلاق النار في أنحاء القطاع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، معظمهم في مدينة غزة.

وبرأي عكاشة فإن التحركات المصرية القطرية مستمرة والجانب العربي الفلسطيني يريد الذهاب لمفاوضات خصوصاً بعد أن تم إنهاء أغلب التعقيدات بالمسار التفاوضي من جانب القاهرة والدوحة قبل أن تقلب إسرائيل عليه وتجمده وتبدأ التصعيد في غزة واستهداف الدوحة.

ويتوقع مطاوع أن تستمر إسرائيل في عملياتها العسكرية دون اهتمام بأرواح الرهائن، وترقب «حماس» أي مخرج يضمن وجودها في اليوم التالي للحرب، مشيراً إلى أن المسار الوحيد المتبقي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أن تخرج «حماس» من المشهد.