بعثت الحكومة المصرية برسالة تطمين إلى مواطنيها في أعقاب تعديلات تشريعية أخيرة بزيادة بعض الضرائب على السلع، مؤكدة أنها «لا تمس الضروريات». وأثارت التعديلات حالة من الجدل واللغط حولها، وسط مخاوف من أن يؤدي فرض رسوم متكرّرة إلى التأثير سلباً على بعض القطاعات، لا سيما مع ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه.
وأقر مجس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، الأربعاء الماضي، مبدئياً، في إطار تعزيز الموارد المالية، فرض رسوم جديدة ضمن تعديلات على بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة وقانون فرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة وضريبة دخول المسرح والملاهي.
ولا تعد هذه التعديلات نهائية لحين موافقة البرلمان ككل عليها بالتصويت، حيث يناقش مجلس النواب خلال جلسته العامة، الأحد المقبل، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة، ومكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، عن مشاريع القوانين المُقدمة من الحكومة.
وأمام ذلك، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية المصري، إن مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون رسوم تنمية موارد الدولة الذي وافقت عليه لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، «لا يمس السلع الأساسية والضرورية للمواطنين»، موضحاً أنه «لا صحة لزيادة رسوم تنمية موارد الدولة على السلع المعمرة والمشروبات الغازية وأدوات التجميل والعطور (البرفانات)، كما أنه لا زيادة في رسوم مغادرة السياح الأجانب، وأنه جرت زيادة رسوم المغادرة للمصريين خمسين جنيهاً فقط (الدولار يساوي 30.9 جنيه)».
وأضاف الوزير، في بيان اليوم الجمعة، أن «التعديلات اقتصرت على بعض السلع الترفيهية وغير الضرورية وغير الأساسية، مثل الكافيار والسيمون فيميه»، لافتاً إلى أن «تعديلات قانون ضريبة دخول المسرح والملاهي شملت بعض الأنشطة المعدة بغرض التسلية كالتزلج على الجليد وحفلات الغناء والديسكو بالزيادة من جنيه إلى عشرين جنيهاً».
ورفض النائب عاطف مغاوري، عضو مجلس النواب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، التعديلات، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رفض التعديلات خلال الجلسة، فمن حيث المبدأ قد يكون الإجراء صحيحاً، لكن توقيت إقراره غير مناسب، حيث لا يتوافق مع المشهد العام، ولا يسهم في خروج مصر من أزمتها الاقتصادية، فأي شكل ضريبي جديد خصوصاً خلال الأزمات يعمل على زيادة الأعباء».
ويوضح أن «قانون تنمية الموارد سبق أن رفضه البرلمان وأعيد للحكومة، التي أعادته مرة أخرى»، وقال إن «هذه التعديلات تقر ضرائب غير مباشرة، وهي من أسوأ أنواع الضرائب والرسوم، لأنها لا تراعي القدرة التكليفية للممول، وتضع كافة المواطنين بغض النظر عن دخولهم تحت طائلة هذه الضريبة، وبالتالي تُحمل المواطن أعباءً جديدة، وهو ما لا يتفق مع العدالة الاجتماعية».
وبدوره، يوضح المحلل الاقتصادي المصري، مصباح قطب، مستشار وزير المالية الأسبق، أن «مشروعات القوانين بزيادة بعض الضرائب على السلع تسعى إلى تطوير منظومة الإيرادات العامة، وزيادة موارد الخزانة العامة للدولة، وبالتالي تحقيق انضباط الموازنة العامة، الذي لا شك ستكون له انعكاسات إيجابية على المواطنين والمستثمرين، حيث يلعب دوراً رئيسياً في الحد من التضخم».
وقال إنه «من الطبيعي أن يستشعر الرأي العام أن مقتضيات الأمور توجب أن يكون هناك فارق بالإيجاب لصالح الموازنة العامة، فالسياسة المالية المعلنة هي تحقيق فائض أولي لا يقل عن 2.5 في المائة من الناتج المحلي الأجنبي، وهذا يعني المزيد من ضغط الإنفاق العام في مجالات كثيرة من ناحية، وزيادة الإيرادات الضريبية وغير الضريبية من ناحية أخرى».
وأضاف قطب أنه «رغم أن الحكومة تؤكد أن الرسوم الجديدة تستهدف الفئات القادرة، فإن واقع الأسواق يقول إن مثل هذه الفئات سرعان ما تنقل تلك التكلفة والعبء الواقع عليها إلى مستهلكي السلع والخدمات الأخرى، وبالتالي يطول العبء الجميع». ويستبعد المحلل الاقتصادي أن يكون لهذه التعديلات تأثير على الاستثمار المحلي والأجنبي.