هزم أبطال العالم وتغلب على مرارة الإقصاء.. حسرة في تونس بعد خروج نسور قرطاج من مونديال قطر

"خسارة ووجيعة (ألم) كبيرة، وفي الوقت نفسه فرحة بالانتصار على فرنسا بنجومها الكبار مبابي وغريزمان، سامح الله من كان سببًا في هذا الانسحاب المرير"، بمثل تلك العبارات، كان عدد من مشجعي منتخب تونس يتبادلون النقاش، وهم يغادرون أحد المقاهي -وسط العاصمة تونس- بعد نهاية مباراة منتخبهم أمام فرنسا، ضمن الجولة الثالثة من الدور الأول لحساب المجموعة الرابعة، بفوز تاريخي لنسور قرطاج أمام أبطال العالم 2018.

وخارج المقهى الواقع في شارع بورقيبة -أكبر شوارع العاصمة تونس- كانت مشاعر الحسرة والخيبة ترتسم على وجوه الجميع، لكنها كانت مشوبة بالفرحة والفخر بعد انتصار هو الأول للمنتخب التونسي في تاريخ مواجهاته مع نظيره الفرنسي، والأول -أيضًا- لنسور قرطاج في مونديال قطر، إلا أنه لم يعبُر بهم إلى دور ثمن النهائي من المسابقة، وهو الإنجاز الذي لا تزال تونس تحلم به منذ أول ظهور لها في كأس العالم سنة 1978.

عدد كبير من التونسيين توافدوا على مقاهي العاصمة تونس لمشاهدة مباراة منتخب تونس أمام فرنسا (الجزيرة نت)

وعلى ملعب المدينة التعليمية، دخل المنتخب التونسي مواجهته أمام فرنسا -التي حجزت بطاقة تأهلها للدور الثاني قبل المباراة- وهو يطارد بصيص أمل ضئيل في اللحاق بمنافسه إلى الدور ذاته، إذ كانت حسابات التأهل معقّدة وفرضيات عبور نسور قرطاج ضعيفة جدًا.

لكن وهبي الخزري استطاع أن يحرّر حناجر التونسيين، ليس في مدرجات ملعب المدينة التعليمية فقط؛ وإنما داخل المقاهي في شوارع العاصمة تونس ومحافظات البلاد كذلك، التي ظلّت متشبثة بأمل ضئيل في التأهل.

يكفينا فخرًا هزيمة مبابي

وحقّقت تونس انتصارًا مثيرًا على منتخب الديوك بهدف دون ردّ، سجّله مهاجم نادي مونبيلييه الفرنسي الخزري، الذي يُعدّ واحدًا من بين عشرة لاعبين في تشكيلة تونس ممن وُلدوا في فرنسا، ولكن ذلك الهدف التاريخي لم يكن كافيًا لمنتخب بلاده للتأهل لثمن النهائي، بعد أن حقّق منتخب أستراليا المفاجأة وصعق نظيره الدانماركي بهدف دون ردّ، ليحجز البطاقة الثانية عن المجموعة الرابعة.

ورغم مرارة الإقصاء من المونديال، لم يُخف الكثير من التونسيين مشاعر الفرحة والإشادة بما وصفوه أداءً بطوليًا للنسور في مواجهة واحد من أقوى منتخبات مونديال قطر، وهو منتخب فرنسا، المرشّح بقوة للحفاظ على لقب كأس العالم، والمتوّج به في روسيا 2018.

وفي المشهد التونسي، بدا كمال بن محمود منتشيًا بالانتصار التاريخي -أثناء خروجه مع عدد من أصدقائه عقب متابعة مبارة تونس وفرنسا، بأحد المقاهي الواقعة وسط العاصمة تونس- معدًّا فرحة الفوز والأداء الباهر للاعبين قد طغت على شعوره بالحزن، بعد مغادرة سباق كأس العالم، حسب قوله.

وقال بن محمود للجزيرة نت "يكفينا فخرًا أننا قهرنا منتخب فرنسا، وهزمنا كيليان مبابي، أفضل مهاجم في العالم بالنسبة لي، خسارة أن نودّع كأس العالم بهذا الشكل القاسي جدًا، والكرة لم تنصفنا، ودفعنا ثمن هزيمة موجعة أمام أستراليا، والإنسحاب موجع لكن على الأقل خرجنا بشرف، وقهرنا فرنسا".

ولم يسبق لمنتخب تونس أن خرج بالإنجاز ذاته، منذ أن حقق فوزًا وتعادلًا، في أول مشاركة له في كأس العالم -بنسخة الأرجنتين 1978- عندما فاز على المكسيك وهُزم أمام بولندا وتعادل مع ألمانيا، واكتفى -في أفضل الأحوال- بانتصار وهزيمتين، وهو ما حققه في آخر مشاركة في مونديال روسيا 2018.

وحلّت تونس في المركز الثالث للمجموعة الرابعة برصيد 4 نقاط من فوز وتعادل وهزيمة، لتغادر السباق وتترك بطاقة التأهل الثانية لأستراليا.

إنجاز لافت وأداء مشرّف

من جهته، أشاد المدير الفني للاتحاد التونسي لكرة القدم الصغير زويتة بالأداء البطولي لنسور قرطاج أمام منتخب يملك من الخبرة والإمكانيات، ما يجعله واحدًا من أبرز المراهنين على لقب مونديال قطر، على حد قوله.

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال زويتة "أمر مشرّف جدًا أن نشاهد منتخبنا يلعب دون حسابات وبلا مركّب نقص أمام منتخب فرنسا المدجّج باللاعبين النجوم، ما حقّقناه اليوم قد يكون بداية لتكوين منتخب كبير قادر على أن يحقّق نتائج أفضل، خاصة أن هذه المجموعة من اللاعبين تضم عناصر شابة قادرة على أن تكتسب مزيدًا من الخبرة، وتقود تونس لنتائج أفضل. ينبغي لنا أن نبني على أنقاض مباراة فرنسا، وأن ننسى ما حدث قبلها؛ لأن هذه هي أحكام الكرة التي تمنحك الفوز -أحيانًا- دون أداء، وتقسو عليك -أحيانًا- أخرى".

لكن المدير الفني لاتحاد الكرة التونسي، لم يستطع إخفاء شعوره بالمرارة، إزاء ما عدّه "قسوة الكرة"، قائلًا "خسارة أن لا يمرّ هذا المنتخب، لم نكن نعتقد أننا سنكون إزاء هذا السيناريو المثير: أن نفوز على بطل العالم ونجمع 4 نقاط، لكننا نغادر المونديال العربي، خاصة أن هناك منتخبات ستمرّ للدور المقبل بـ4 نقاط".

واعترف زويتة -في حديثه للجزيرة نت- بالأخطاء التي ارتكبها منتخب بلاده في المواجهة الماضية أمام أستراليا، والتي أدّت إلى الخسارة صفر-1 وقلّصت من حظوظ نسور قرطاج في التأهل، وعقّدت مساراته للعبور للدور الثاني.

وقال "من المؤكد أن هناك أخطاء حصلت في تلك المباراة، قد تكون اختيارات ليست في محلها من الجهاز الفني أو سوء تقدير من اللاعبين، لكن كرة القدم لا تخلو من الأخطاء، عمومًا علينا أن لا نكون جاحدين أمام المدرب واللاعبين، لقد استطاعوا أن يشرّفوا تونس والكرة العربية رغم مرارة الانسحاب".

وخرج منتخب تونس من المسابقة، منذ الدور الأول في إنجاز مشابه لما حقّقه في 5 مشاركات سابقة: في 1978 و1998 و2002 و2006 و2018.

المصدر : الجزيرة